روني مندلمان تعود بالذاكرة اٟلى مخاوفها قبل أول حمّام لطفلها البكر, التجربة والضّغط, وبالأساس الاٟدراك بأن الحديث يدور عن وقت ممتع ومفيد مع الطفل
صحيح أننا نرى في الدعايات التجارية أطفالاً مثل الزهور تغمرهم السعادة والفرح وحولهم فقاعات الصابون وأمهات شابات وأنيقات؟ هذا ما اعتقدته عندما وصلت اٟلى البيت مع مولودي البكر, وأردت أن أمنحه إحساسًا بالنظافة بالبيت. ولكن يبدو أن هناك فرقًا بين الأفكار والواقع.
كان وزن طفلي عند ولادته 2.5 كغم, وشعرت بأنه صغير جدًا اٟلى درجة أنني كنت أخاف من حمله بيد واحدة, ناهيك عن تغيير الزوايا والقيام بعمل آخر باليد الثانية . مبدئيًا, انتابني بعض الخوف من ترك طفلي لوحده, وهكذا فقد بدا لي تحضير الحمّام له أمرًا شبه مستحيل, لا سيّما وأن ذلك يتطلّب تجهيز حوض الحمّام, تعبئة المياه بدرجة حرارة ملائمة وتحضير الصابون, الشامپو, المنشفة وكل ما يلزم.
كنت محاطة بأمهات مجرّبات, وهؤلاء لم يتوقّفن عن توزيع التعليمات وإعطاء النصائح, لقد شجّعنني على خوض تجربة تحميم الطفل, بينما أنا أردت ان أحمّمه بواسطة اسفنجة اٟلى أن يصبح قادرًا على الاٟستحمام بقواه الذاتية وبالتالي خفض حالة التوتّر التي تنتابني.
من جهة أخرى, المواليد الجدد بحاجة اٟلى حمّام بشكل يومي لا سيّما وأنهم يتّسخون جرّاء البراز واٟرجاع الطعام والعرق, خاصة في فصل الصيف.
والد طفلي, الذي فهم مدى التوتر الذي انتابني, تطوّع للقيام بالمهمة, وبعد أن فهمنا أن حوض الاستحمام موجود بوضعية غير مريحة في غرفة الاٟستحمام, قام بملء مغسلة نظيفة بالماء وأحضر منتجات التواليتيكا, وضع منشفة على كتفه, ضبط درجة حرارة الماء, أدخل الطفل اٟلى الماء مع مراعاة الإمساك به. في الحقيقة لقد أدهشني هذا المشهد, وخشيت من أن ينزلق الطفل أو يبلع الماء. تسمّرت في مكاني, لقد أمسك الوالد الطفل بإحدى يديه وبالأخرى مسح جسمه بلُطف بالصابون. بعد ذلك غسل جسم الطفل ومسح شعره الأشقر بشامپو ناعم ومعطّر, وفعل ذلك كما لو كان يجري عملية دقيقة, ثم كان يصبّ عليه كمية قليلة من الماء في كل مرة. كان الطفل "يكاغي" فرحًا, وعندما انتهت عملية التّحميم انتظرت الطفل مع منشفة نظيفة. احتضنته وداعبته بسعادة لا توصف, وغير مُصدّقة بأن الحمّام مرّ بسلام.
وقال لي الوالد الفخور :"غدًا ستفعلين ذلك لوحدك". شعرت بأن قلبي يسقط من مكانه, ومنذ ظهيرة الغد بدأت بالاٟستعداد لهذه العملية. فحصت في أي غرفة يمكنني وضع حوض الاٟستحمام, بحيث تتوفّر لي المساحة الكافية للتحرّك بكل حرية وهناك متّسع لوضع الشامپو والصابون وبحيث لا تكون رياح, والأهم مكان أشعر فيه بالأمان وأنا أحمل بين يدي طفلًا لم يتجاوز عمره عدة أيام.
وفي المساء, وبعد أن أرضعت طفلي وتجشّأ, وضعته على مسطّح ملائم وبدأت بالعملية. حوض الاٟستحمام كان جاهزًا, منتجات التواليتيكا على أهبّة الاٟستعداد, مقعد البانيو جاهز داخل الماء, المنشفة معلّقة قريبًا مني والنافذة مغلقة, خلعت ملابس الطفل والحفاض, نظّفت مؤخّرته ومن ثم أدخلته بحذر شديد اٟلى البانيو, وضعته على المقعد, أمسكت به بإحدى يديّ وبالأخرى سكبت عليه الماء بكل لطف. فركته بالصابون, غسلت رأسه ومن ثم سكبت الماء على جسمه, غنّيت له وفجأة شعرت كم كان وقت الحمّام ممتعًا ورائعًا.
وهكذا أدّيت واجبي كأم. بعد أن نشّفت جسمه ودلّكته بواسطة زيت منعش, ألبسته وشممت رأسه ورقبته, أردت أن أحتفظ برائحته المنعشة داخل قنّينة اٟلى أن يكبر.