منذ لحظة ولادة أطفالنا نكون، نحن الأهل، على استعداد لفعل كل شيء للمحافظة على صحّتهم؛ نغسل أيدينا، نعقّم القناني، نغسل ملابسهم بمواد غسيل ناعمة وخفيفة، ننظّف محيطهم ونهتم بأن يكبروا وينموا في بيئة نظيفة وآمنة. ولكن في مرحلة ما ستأتي تلك اللحظة التي تنهار فيها كل استراتيجيات التنظيف التي حرصنا عليها: إذ يقوم الطفل أو الطفلة بإدخال كل شيء إلى فمهما، ويبدآن بالزحف وتجميع كل ما في طريقهما، يلهو الأطفال بصندوق الرّمل ويحضرون معهم إلى البيت "هدايا" تذكارية، وفي عمر معيّن يحاولون الأكل لوحدهم. في هذه المرحلة تبدأ مستويات التعقيم بالتراجع، وحتى الأهل المتشدّدون في مجال النظافة يكتشفون أنهم عاجزون عن تغيير هذه "الضربات" الجديدة.
"أطفال في البيت - يعني رمل في البيت" – هكذا يقول المثل القديم. حسنًا، لدينا أخبار جيّدة: يعتقد الكثير من الأطباء انه يجب السّماح للطفل بالإتّساخ، وليس فقط لأسباب تتعلّق بالنمو والتطوّر، وإنما لأسباب صحيّة ومنع الأمراض؛ وكذلك يعتقد الأطباء ان التعقيم قد يسبّب الأمراض، وهكذا جاءت نظرية النظافة الصّحية التي تقول بان الظروف الصّحية في الغرب تؤدي إلى ارتفاع في إنتشار الأمراض، مثل الحساسية والربو، لأن تلك الظروف الصّحية قد تضعف قوّة جهاز المناعة، إذ انه عندما يقوم طفل أو طفلة بإدخال أغراض ما إلى فمهما، فانهما يتعرّضان لوجبات صغيرة من الڤيروسات والبكتيريا، وهكذا يقوم جهاز المناعة بفهم ذلك وزيادة نجاعته.
هل من المحبّذ السماح للأطفال بالإتّساخ؟
هناك الكثير من السلوكيات التي قد تبدو لنا، نحن الأهل، خطيرة وتسبب الإتساخ، ولكنها حيوية وضرورية لتطوّر الأطفال. مثلاً: الزحف على الأرضية ضروري لتحسين القدرة على الحركة لدى الطفل،ملامسته بعض الأغراض، مثل الألوان، الرمل وغذاء الأصابع تُشجّع وتحفّز على تطوّر المهارات الحركية الدقيقة،وإدخال أغراض إلى الفم ينمّي عملية التنسيق بين العين - اليد ويساهم في تعزيز الثقة بالنفس والهدوء، كما انها تحفّز الطفل على حبّ الاستطلاع والبحث والدراسة، وكما ذكر آنفًا تساعد على تطوّر ونموّ جهاز المناعة.
وظيفتنا كأهل هي الاهتمام بان كل ما يلامسونه ويمسكون به ويدخلونه إلى فمهم أو يزحفون عليه – لا يشكّل خطرًا على سلامتهم.
كيف نفعّل الطفل بواسطة الألوان على شكل أصابع؟
الرّسم بواسطة ألوان الأصابع هو مرحلة مهمّة في التطوّر الحركي وفرصة للتعرّف على الألوان وتطوير الخيال وغير ذلك. وبالتأكيد هي فعّالية ممتعة للأطفال، ولكنها أقل متعة للأهل، ولذلك يرتدع عنها الكثيرون. حسنًا، لا حاجة للخوف، إليكم عددًا من الأفكار والطرق التي تمكّن الأطفال من الاستمتاع وتمكّنكم، أنتم الأهل، من أن تكونوا مطمئنين:
- إسمحوا لأطفالكم بالتلوين في غرفة الإستحمام، على الأطراف أو على الجدران وبألوان أصابع قمتم أنتم بتحضيرها من الصابون، الشامݒو وغيرهما. لا داعي للقلق، يمكن إزالة الألوان بسهولة بواسطة مواد تنظيف.
- أفرشوا على العشب الأخضر أو الشُرفة قطعة نايلون سميكة، وأنثروا عليها صحونا صغيرة تحتوي على ألوان أصابع.
- ألبسوا الصغار مراييل كبيرة أو بلوزاتكم الواسعة، أو اسمحوا لهم باستعمال الألوان وهم عُراة أو يرتدون حفّاضًا فقط. بعد ذلك أدخلوهم إلى غرفة الحمّام.
- في نهاية الحمّام إجمعوا النايلون وتخلصوا منه أو إحتفظوا به للحمّام القادم.
لماذا يستحسن أن يلهو الأطفال بالرّمل؟
عندما يلهو الأطفال بالرّمل فانهم لا يفعّلون فقط أياديهم وانما يشغّلون أيضًا عضلات الظهر، البطن والقدمين. اللهو بالرّمل ضروري لتطوّر المهارات الحركية غير الدقيقة، وكذلك المهارات الحركية الدقيقة والمشاعر: إذا كان الرمل خشنًا أو رخوًا – يمكن أن يأخذ منه الطفل بيديه أو بواسطة أدوات، كذلك يمكن سكبه أو خلطه وعجنه وبإضافة الماء عمل اشكال منه. بالإضافة، يمكن ان يخبّئ الطفل بالرّمل ألعابًا وأغراضًا ومن ثمّ يعثر عليها وهكذا يمكن أن يستوعب العلاقة بين الفعّالية والنتيجة، وأن يشارك بها أشقاءه وأصدقاءه. باختصار، انه عالم قائم بذاته.
أثناء لهو الأطفال بالرّمل يجب الحرص على الأمان والسلامة:
- ينبغي مراقبة الصغار لكي لا يدخلوا الرّمل إلى فمهم أو يفركوا به أعينهم.
- تأكّدوا من أن الرّمل نظيف من براز الحيوانات ولا توجد به أغراض حادة أو أحجار صغيرة، أو فضلات قمامة.
كيف نمنع وصول الرّمل إلى السّجادة أو طاولة الأكل؟
- يجب نفض ملابس الأطفال أو الطلب منهم خلعها قبل الدخول إلى البيت.
- إسمحوا للطفل باللهو في الݒارك أو الشاطئ وهو يرتدي الحفّاض.
- كذلك دعوهم يلعبون وهم حفاة لمنع دخول الرّمل إلى أحذيتهم، بشرط أن تكونوا قد تأكّدتم من ان الرّمل خالٍ من الأغراض الحادّة.
- بلّلوا الرّمل بالماء لكي تقلّلوا عدد حبيبات الرّمل التي قد تلتصق بصغاركم.